الجمعة، يونيو 15، 2012

لقائي الأول مع المسيري

كتب في 7 يونيو 2003

إحساس بالعظمة تملّكني في بداية الجلسة معه، سرعان ما أزاله من نفسي تواضعه الشديد، فازداد له إعظامي !! كان يحدثني ببساطة وهدوء، ويتناول معي شؤوني الخاصّة في تفاهم واهتمام، على الرّغم أنّني متيقنة أنّني أجلس أمام العالم كلّه مرئيًّا في عقله العبقريّ. يا للرهبة !
صادفت موسوعته الضخمة (اليهود واليهوديّة والصهيونيّة) في إحدى المكتبات، وأدركت من قراءتي لبعض صفحاتها أنّي أمام مفكّر مجدد. ربّما حاولت حينها أن أرسم في خيالي صورة له ولمكتبته الضخمة المنظّمة تنظيمًا صارمًا، ولبيته المهيب؛ ولكنّي عندما دخلت بيته لم أجده كما رسمته في خيالي؛ بل وجدت بيتًا متواضعًا، ولكنّه فريد متفرد، ووجدت كتبًا متنوعة مختلفة في غرفة معزولة متواضعة، وقابلت شخصيّة متفرّدة أسرتني بجوهرها وروحها، وعقلها الفذّ، ما جعلني أشعر أنّ  إنسانًا مثله، إنّما هو إنسان الجوهر لا إنسان المظهر.
هذا ما اعتمل في نفسي حين رأيت المسيري لأوّل مرّة...
كان لقائي معه ساعةً من زمان، لا أدري إن كانت في قيمتها أطول أم أقصر؛ ولكنّي كنت أشعر أنّني خارج نطاق الزمن، عشت لحظات لم أشعر فيها بالزمن أو معنى الزمن.
في هذه الجلسة، تحقق حلم كنت أحلم به منذ عام ونصف العام، وتعلّمت درسًا إن شاء الله هو أوّل الدروس التي أتعلمها من د. المسيري.
أمّا الحلم، فهو حلم ملازمته، والتلمذة على يديه، والتعلم منه...
وأمّا أول الدروس فهو درس التحرر من قيود التخصص والشهادات والتصنيفات. تعلّمت من اللقاء الأوّل أنّ الباحث الحقيقي هو الذي يبحث عن إجابة لتساؤلاته وإشكاليّاته، فنقطة بدايته هي (الإشكاليّة) وليس (الموضوع) وفي سبيل الوصول لإجابات أسئلته، فإنّه يطير من حقل تخصص إلى حقل تخصص آخر، في محاولة للفهم والرّبط، دون الوقوف أمام الحواجز التصادميّة بين التخصصات التي صنعها المتخصصون. هذا في مرحلة البحث والمعرفة؛ أمّا في مرحلة الكتابة والإنتاج فيجب أن يكون الباحث متخصّصًا محترفًا .
انتهى الدّرس الأول...