الأحد، نوفمبر 10، 2013

حسن التعامل مع المال من كليلة ودمنة


قال بيدبا الفيلسوف لدبشليم الملك: "كان بأرض دستاوند رجل شيخ له ثلاثة بنين. فلما بلغوا أشدهم أسرفوا في مال أبيهم ولم يكونوا احترفوا حرفة يكسبون بها لأنفسهم خيرا. فلامهم أبوهم ووعظهم على سوء فعلهم. وكان من قوله لهم يا بني إن صاحب الدنيا يطلب ثلاثة أمور لن يدركها إلا بأربعة أشياء. أما الثلاثة التي يطلب، فالسعة في الرزق، والمنزلة في الناس، والزاد للآخرة. وأما الأربعة التي يحتاج إليها في درك هذه الثلاثة فاكتساب المال من أحسن وجه يكون، ثم حسن القيام على ما اكتسب منه، ثم استثماره ثم إنفاقه فيما يصلح المعيشة ويرضي الأهل والإخوان فيعود  عليه نفعه في الآخرة. فمن ضيع شيئا من هذه الأحوال لم يدرك ما أراد من حاجته، لأنه إن لم يكتسب لم يكن له مال يعيش به، وإن هو كان ذا مال واكتساب ثم لم يحسن القيام عليه أوشك المال أن يفنى ويبقى معدما. وإن هو وضعه ولم يستثمره لم تمنعه قلة الإنفاق من سرعة الذهاب كالكحل الذي لا يؤخذ منه إلا غبار الميل ثم هو مع ذلك سريع فناؤه. وإن هو أنفقه في غير وجهه ووضعه في غير موضعه وأخطأ به مواضع استحقاقه صار بمنزلة الفقير الذي لا مال له. ثم لم يمنع ذلك أيضا ماله من التلف بالحوادث والعلل التي تجري عليه. كمحبس الماء الذي لا تزال المياه تنصب فيه فإن لم يكن له مخرج ومفاض ومتنفس يخرج منه الماء بقدر ما ينبغي خرب وسال ونزّ من نواح كثيرة وربما انبثق البثق العظيم فذهب الماء ضياعا.
كليلة ودمنة باب الأسد والثور. ص 105-106
كليلة ودمنة. نقحه وضبطه وعلق حواشيه خليل اليازجي. بيروت: مجلس معارف ولاية سوريا، 1888م

الثلاثاء، نوفمبر 05، 2013

ابن المقفع يعلمنا إدارة الوقت


يقول ابن المقفع "إذا تراكمت عليك اﻷعمال، فلا تلتمس الرًوح (أي الراحة) في مدافعتها يومًا بيوم والرًوغان منها. فإنّه ﻻ راحة لك إﻻ في إصدارها. وإنّ الصبر عليها هو الذي يخففها عنك، والضجر هو الذي يراكمها عليك"

ويواصل ابن المقفع "فتعهد من ذلك في نفسك خصلة قد رأيتها تعتري بعض أصحاب اﻷعمال. وذلك أن الرجل يكون في أمر من أمره فيَرِد عليه شغل آخر أو يأتيه شاغل من الناس يكره إتيانه، فيكدر ذلك بنفسه تكديرًا يفسد ما كان فيه وما ورد عليه، حتى ﻻ يُحكِم واحدًا منهما. فإذا ورد عليك مثل ذلك، فليكن معك رأيك وعقلك اللذان بهما تختار اﻷمور، ثم اختر أولى اﻷمرين بشغلك فاشتغل به حتى تفرغ منه. وﻻ يعظُمنّ عليك فوت ما فات وتأخير ما تأخر"
 (اﻷدب الكبير 105)