الثلاثاء، يناير 14، 2014

ولكن صوّرته ذاكرتي

وفي مسجد الإيمان كانت هناك عشرات من المشاهد التي يعجز اللسان معها عن النطق...أخ جثا على ركبتيه أمام جثمان أخيه ...ورفع رأسه للأعلى وأطلق صرخة اهتزت لها جدران المسجد... لم يصوره أحد ولكن صورته ذاكرتي...
زوجة شابة تجري خلف جثمان زوجها الشاب، وصديقاتها يمنعنها في تراحم وهي تحاول كظم صوتها الذي يأبى إلا أن يخرج قائلة: إنا لله وإنا إليه راجعون.... لم يصورها أحد ولكن صورتها ذاكرتي...
كل جثمان يخرج للدفن... الصيحات تتعالى: الله أكبر... يوم ما بعد الصدمة في القاهرة سيبقى في ذاكرة شعب دون شعب واﻻثنان من أهل بلدي... صاحب المجزرة والمنكر للمجزرة طلبًا ﻹفراغ الذاكرة وإنكارا لوجود غيره من أبناء بلده...
وفي اليوم الذي تلا مسجد اﻹيمان كان يوم جمعة وصلاة على بعض الشهداء...مررت على مسجد اﻹيمان فوجدت المسجد مغلقًا به آثار من ذهبوا ... وشاب من أهالي المنطقة أمام المسجد يسأل في خوف وهلع عن هؤلاء اﻹخوان الذي يخبئون اﻷسلحة في المسجد!!! ... لم يصوره أحد ولكن صورته ذاكرتي...
ربما اختلط على ذهنه البدائي صيحات الله أكبر فتوهم أنها معركة، ولم يفطن أن ينظر من شرفة شقته ليوقن أنها جثامين قتلى شهداء... أراد فقط أن يتأكد من خلو المسجد من هؤلاء الكائنات ... ولتذهب ال 259 أسرة التي فقدت أحد أفرادها ما بين عزيز ومعيل إلى الجحيم ... لينعم هو فقط على حياته من أن تخدش بمجرد توهم خائف أو خوف متوهم...وحسبي الله ونعم الوكيل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق