الاثنين، أغسطس 19، 2013

30 يونيو والمحاكاة السورية

ليس خافيًا أنّ لجوء السيسي لخطاب الإرهاب، وإعلانه لكيان الدولة فوق الوطن والبشر، وإحكامه السيطرة على جميع مؤسسات الدولة، كما قال في خطابة الطالب للتفويض: (المصالحة هي المصالحة بين مؤسسات الدولة: الأزهر، والكنيسة، والقضاء والشرطة، والجيش والإعلام( وجعلها تعمل في تناغم واحد على وقع سيمفونية الحرب على الإرهاب، في تواطؤ محكم على الكذب، وتصديقه قبل تصديره...ليس خافيًا أنّ هذا الخطاب هو محاكاة لخطاب النظام السوري.

فقد حول خطاب النظام السوري سورية كلها إلى ساحة حرب، وفرّغها من سكانها بتسويغ خطاب الإرهاب. وعلى مدى عامين يقتل النظام السوري السوريين، ويترك الثغرات للنشطاء لنقل وقائع إجرامه للإعلام العربي والأجنبي، بينما يقوم هو بإخراج مشهد آخر كاذب عبر إعلامه وإعلام حلفائه، ثم لا يهتز ولا يتقهقر لمعرفة العالم لحقيقته، بل يمعن في القتل والتهجير والتطهير. ومن يتابع الإخبارية السورية والميادين يدرك مدى ما تعلمه الإعلام المصري والرسمي والخاص الموالي من خبرة إعلام النظام السوري الغاشم الكاذب.

ومن يتابع كيف تم طمس ثورة 25 يناير وإخراج المسرحية الهزلية لما أسموه ثورة 30 يونيو، يدرك كيف تعلم النظام المصري المضاد لثورة 25 يناير من النظام السوري عبر إمكانية خلق تحالفات إقليمية ودولية جديدة تتشابه مع تحالفات النظام السوري التي من الممكن أن تدعمه وتضمن بقاءه. لقد شكر السيسي في خطابه السعودية والبحرين ولكويت والإمارات والأردن. كما أبدت روسيا والصين استعدادها لملء الفراغ التسليحي إذا امتنعت أوروبا وأمريكا عن تسليح مصر.

إذا فليخرج الرافضون لحكمنا ولدولتنا المقدسة في أسبوع الرحيل، وما تلاه من أسابيع في انتظار أبدي للحظة العودة، وفي كل لحظة ستعيشون مرثية جديدة ليس عبر سقوط قتيل هنا وهناك، ولكن عبر مجازر جماعية لا نمانع في نقلها عبر الإعلام الأجنبي، والتواصل الاجتماعي. ففي النهاية، نحن نحكم عامّة المصريين الذين لم يتعلموا التفكير النقدي، بل حتى التفكير للحظة، فمن السهل إذًا أن نغسل لهم أدمغتهم عبر خطاب ترويعي تطميني في الوقت نفسه...

فهمت الآن المقولة التي درسناها في تاريخ المنطقة حتى نهاية الخلافة العثمانية أنّ "أمن مصر في الشام وأمن الشام في مصر" ولكن أفهمها الآن ليس بمواجهة العدو الخارجي كما كان الحال في التاريخ الوسيط، أي التتار والمغول، ولا التاريخ الحديث، أي الاستعمار وإسرائيل. بل أفهمها على مستوى ثورات الشعوب ضد أنظمتها في حالة لا هي بالسلم ولا هي بالحرب، وأدركت كيف ترسم الثورة السورية خارطة جديدة للمنطقة العربية، وكيف قصر نظام الإخوان المعزول عن نصرة الثورة السورية كما يجب ليس فقط من منطلق أخلاقي بل من منطلق أمني واستراتيجي.

رحم الله الشهداء وأعان الأحياء على قابل الحياة... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق