الجمعة، يناير 20، 2012

صورة


كتب في 8 سبتمبر 2003


كانت صغيرة وجميلة ووادعة... ووحيدة...

لم تكن تحب اللعب ككل الأطفال... وكانت تحمل همًّا ليس ككل الأطفال...

كانت تخاف المستقبل وتشعر بفقدان الأمان...

تشاهد شجار الأطفال وتضحك...وتتألم لشجار الكبار وتحزن...

الأطفال هنا يتشاجرون حول لعبة... والكبار هناك يتشاجرون حول أشياء تشبه اللعبة ...

 كانت تعيش بين هؤلاء الكبار بسلامة صدر... بينما تتأرجح نفسها بين الألم والأمل...

هي ليست ككل الأطفال...إنّها لا تعيش لعبهم ولهوهم وشجارهم...

عندما كانت في التاسعة... كانت تتابع ثورة أطفال الحجارة في فلسطين...

كانوا أطفالاً في مثل عمرها...وكانت تتمنى لو كانت واحدة من هؤلاء الأطفال تشاركهم ثورتهم ودفاعهم عن أرضهم...

كانت تغبطهم كثيرًا...لأنهم يعيشون خوفًا بإمكانهم أن يشقوا جداره ... إنّ بإمكانهم أن يقذفوا الحجارة...

كانت هنا تعيش مثلهم في خوف... ولكن لا يمكنها مثلهم أن تشق جدار الخوف...

 وكبرت الطفلة... كانت طموحة ولكن في خجل وانكسار... كانت موهوبة ولكن تفتقد الثقة...

إنّها تعيش وحدها مع من تحب في خيالها...

تبحث عمّا سلبه منها الكبار... هناك في عالم أحلامها وخيالها...

لم تكن تدري أنّها تنسج صورة في خيالها بروي وتؤدة...

ومع مرور الأيام... عند كل حادثة في حياتها كانت تضيف خيطًا في نسيج الصورة...

أيام الطفولة... أيام الصبا... واليوم أيام الشباب...لم تكن تدري أنها تنتظره كل هذا الوقت...
لكنها أدركت اليوم بعد أن غدت شابّة...

لم تكن تدري أنّ خيوط صورته قد بدأت تتشكّل مذ كانت طفلة ...

 كان خيالها ينسج خيوطًا في كل مرحلة...

وعند كل حادثة وكل موقف تتداخل الخيوط القديمة، وترِد خيوط جديدة...
 ألوان حمراء...زرقاء...خضراء...

وعند كل مفترق طرق تزداد الخيوط تلاحمًا وتشابكًا...

لم تكن الصورة قد اكتملت في الطفولة والصبا... لذا فلم تتعرف على شقها الآخر الذي بدأ يتكون داخل نفسها وعالمها الجواني سنينًا وسنينًا...

وحين بدا أنّ الصورة قد اكتملت... أحسّت فجاة أنّها شق غير مكتمل... أنّ لها شريكًا تبحث عنه لتلقاه... لتكتمل نفسها وتسكن...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق